مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين 34}

صفحة 2897 - الجزء 5

  ولهذا أمر اللّه بالمسارعة إلى المغفرة، والمسابقة إلى الخيرات، ويقول⁣(⁣١): فوت الفرصة غصة، والحاصل أنا وإن سلمنا أن الفور إنما فهم من القرينة فالقرينة في أوامر الشارع موجودة، وهي ما ذكرنا من أن الثمرة لا تحصل إلا بالفعل، وأن المكلف غير واثق بالبقاء، فعلى هذا يقال: أوامر الشرع تقتضي الفور إما بوضعها أو للقرينة.

  الوجه الثاني: أنه لو جاز تأخيره عن أول أوقات الإمكان لالتحق بالنوافل؛ لأن المفروض جواز تأخيره إلى غير غاية ومع غير بدل، وهذا يخرجه عن حقيقة الواجب، فيلحق بالنافلة، لاشتراكهما في جواز الترك عن أول أوقات الإمكان لا إلى بدل.

  والجواب بالفرق، فإن النافلة يجوز تركها رأساً، بخلاف الواجب؛ وأيضاً النافلة ليس لها حالة تتضيق فيها أصلاً، والمأمور به قد يتضيق فعله إن غلب على الظن أنه إن لم يفعل فات فيما بعد، وبالنقض بما إذا صرح بجواز التأخير نحو: أن يقول للمكلف: في أي وقت أتيت بالمأمور به فقد امتثلت، فإن هذا الوجه متحقق فيه، فما هو جوابكم فهو جوابنا.

  الثالث: القياس على الإيقاعات⁣(⁣٢) والعقود⁣(⁣٣)، فإنها تفيد أحكامها في أقرب وقت، فكذلك الأمر، بجامع أن كلا منهما إنشاء.


(١) هكذا في الأصل، ولعلها (ويقال) واللّه أعلم.

(٢) نحو أعتقت وأنكحت. تمت مؤلف.

(٣) كبعت. تمت مؤلف.