مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين 34}

صفحة 2912 - الجزء 5

  قلنا: أما الأول⁣(⁣١) فلا يصار إليه إلا إذا كان المغلوب ساقطاً عن درجة الاعتبار، أما إذا كان معظم الحديث فيه فلا وأما الثاني فالمخالطة لا توجب ما ذكرتموه، ولهذا قيل: إن خطاب الذكور لا يتناول الإناث مع شدة المخالطة بين الصنفين.

  قالوا: يجوز ألا يتناوله هذا الأمر، ولكن الله تعالى أمره بأمر آخر لم يحكه في القرآن، بدليل قوله: {مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ}⁣[الأعراف: ١٢] فلا يكون داخلاً في الخطاب.

  قلنا: خلاف الظاهر ولأن قوله تعالى: {أَبَى وَاسْتَكْبَرَ}⁣[البقرة: ٣٤] بعد قوله: {اسْجُدُوا} مشعر بأن المخالفة بسبب هذا الأمر.

  الوجه الثاني: أن ظاهر الآية مؤيد بأقوال مشاهير السلف، وأئمة الشرع واللغة.

  قال علي #: (كلا، ما كان الله ليدخل الجنة بشراً بأمر أخرج به منها ملكاً). رواه في (النهج).

  وقال ابن جرير في تفسيره: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا عثمان بن سعيد، عن بشر بن عمارة، عن أبي رؤق، عن الضحاك، عن ابن عباس، قال: كان إبليس من حي من أحياء الملائكة يقال لهم الجن، خلقوا من نار السموم من بين الملائكة، قال: فكان اسمه الحارث، قال: وكان خازنا من خزان الجنة، قال: وخلقت الملائكة من نور غير هذا الحي، قال: وخلقت الجن الذين ذكروا في القرآن من مارج من نار، وهو لسان النار الذي يكون في طرفها إذا التهبت.


(١) وهو التغليب تمت مؤلف.