مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين 34}

صفحة 2923 - الجزء 5

  للجن أجمعين، وخاصية فيهم بحيث لا يقع من أحد منهم إيمان ولا امتثال البتة، والمعلوم أن فيهم المطيع والعاصي كغيرهم، وحينئذ يصح حمل الآية على الإخبار⁣(⁣١) بأن إبليس كان من الجن، ولو قيل بوجوب حمله على ذلك لم يبعد، لما مر عن ابن عباس وغيره، وظاهر الآية يدل على ذلك بدليل قوله: {فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ}⁣[الكهف: ٥٠] فيكون المراد من الآية الإخبار بأنه كان من الملائكة الذين يقال لهم الجن، فخالفهم في الطاعة بالخروج عن أمر ربه، وهذا معنى {فَفَسَقَ} ولو سلم احتمال التعليل فهو لا يمنع احتمال الإخبار، ولا بد في تعيين أحد الاحتمالين من دليل وقد دل على إرادة احتمال الإخبار كلام المدعو له بالفقه وعلم التأويل، مع ما عضده من كلام الحجة بعد الرسول عند أهل التحصيل، وغيره من علماء الصحابة فمن بعدهم ممن يرجع إلى مثله في معرفة أسرار التنزيل.

  الوجه الثالث: أن إبليس له ذرية لقوله تعالى: {أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ}⁣[الكهف: ٥٠] والملائكة لا ذرية لهم؛ إذ لا أنوثة فيهم، وحصول الولد من غير اجتماع الذكر والأنثى خلاف الظاهر.

  وأجيب بأنه لا يمتنع أن يركب الله فيه شهوة وإن لم يركبها في سائر الملائكة زيادة في تكليفه.

  الرابع: أن إبليس مخلوق من النار، والملائكة ليسوا كذلك،


(١) أي لا على التعليل. تمت مؤلف.