تفسير قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين 34}
  بل خلقوا من نور، قال الرازي: لما روى الزهري، عن عروة، عن عائشة عن رسول الله ÷ أنه قال: «خلقت الملائكة من نور، وخلق الجان من مارج من نار».
  وأجاب الطبري بأنه غير مستنكر أن يكون الله تعالى خلق الملائكة من أصناف شتى، فخلق بعضاً من نور، وبعضاً من نار السموم، وبعضاً من غير ذلك، وليس في القرآن الإخبار عما خلق منه ملائكته، وإخباره عن إبليس بأنه مخلوق من نار لا يوجب خروجه منهم؛ لجواز خلق صنف من الملائكة من نار.
  قلت: ويشهد له ما مر عن ابن عباس، وخبر عائشة إن صح فمحمول أنه أراد أن صنفاً من الملائكة خلقوا من نور، جمعاً بينه وبين كلام ابن عباس؛ لأن له حكم الرفع؛ إذ ليس للاجتهاد فيه مسرح.
  الخامس: أن الملائكة رسل الله لقوله تعالى: {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا}[فاطر: ١] ورسل الله يجب أن يكونوا معصومين لقوله تعالى: {اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ}[الأنعام: ١٢٤] فلما لم يكن إبليس رسولاً وجب أن لا يكون ملكاً.
  وأجيب بأن الرسل بعضهم لا كلهم بدليل كلام علي # السابق، فالتعريف في {جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا}[فاطر: ١] للجنس الصادق ببعض الأفراد، وأيضاً عصمتهم ليست لذواتهم، وإنما هي بجعل الله لهم، ولم يقم لنا دليل إلا على جعلها لبعضهم.