تفسير قوله تعالى: {وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس أبى واستكبر وكان من الكافرين 34}
  والجواب والله الموفق للصواب: أن هذه الأسئلة من أعظم شبه المجبرة في نفي الحكمة عن أفعال الباري جل وعلا، ومنع الحسن والقبح العقلي، ولذا هوّل الرازي بدعوى تعذر الجواب عليها إن رجع في ذلك إلى حكم العقل وذلك مجازفة، وتقول بالباطل، فإنه لا يمكن الجواب عنها وتنزيه الله عن العبث وفعل القبيح إلا بالرجوع إلى تحسين العقل وتقبيحه، وقد أجاب عنها أصحابنا في مختصرات كتبهم فضلاً عن المطولات، وقد ذكرنا فيما مر من كتابنا هذا ما فيه مقنع في إبطال هذه الأسئلة، وسنشير إلى ما تقدم في هذا الموضع، ما لا غنية عنه فنقول: أما كونه تعالى عدلاً حكيماً ونزيد عليه فقد مر الكلام عليه في السابعة من مسائل الحمد لله.
  وأما إثبات الحسن والقبح العقلي فقد مر في تلك المسألة وفي السادسة من مسائل المقدمة، وهذا جواب إجمالي.
  وأما الجواب التفصيلي عن كل واحد من الأسئلة فنقول:
  الجواب عن السؤال الأول: أنه قد ثبت أن الله تعالى لا يفعل إلا لغرض كما مر في السابعة من مسائل الحمد لله، فوجب القطع بأن الله تعالى لم يخلق الخلق إلا لغرض وحكمة، وذلك الغرض لا بد أن يعود إلى الخلق الاستحالة النفع والضر عليه تعالى، وهو إما أن يعود عليهم بالضرر المحض، وهو باطل؛ لأنه يكون ظلماً، أو بالنفع المحض كالثواب، وكثير من النعم والملاذ، وما يجري مجرى النفع، وهو التكليف والمصائب والآلام فإنها منافع دينية، ومصالح في التكليف،