مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة السادسة [في الظلم]

صفحة 2982 - الجزء 5

  وقلنا: ولا يكون في الحكم .... إلخ لأنه لو كان كذلك لم يكن ظلماً، ألا ترى أن من حاول أخذ مال غيره فقتله دفعاً لم يكن ظلماً؛ لأن ذلك الضرر كأنه حل به من جهة نفسه.

  وقلنا: ولا كأنه من جهة غير فاعل الضرر؛ لأنه إذا كان بهذه الصفة لم يكن ظلماً، وذلك نحو أن يميت الله صبياً قد ألقاه إنسان في النار فإنه لا يكون ظلماً؛ لأن هذه الإماتة كأنها من جهة غير الله تعالى.

  قلت: وهذين القيدين لا حاجة إليهما لدخولهما في قيد الاستحقاق. وقيل: حقيقة الظلم هو ما ليس لفاعله أن يفعله. وهو دور؛ لأنا لا نعرف كونه ظلماً إلا إذا عرفنا أنه ليس لفاعله فعله، ولا نعرف أنه ليس له فعله إلا إذا علمنا أنه ظلم، ثم إنه ليس بمانع لدخول سائر القبائح كالكذب ونحوه؛ إذ ليس لفاعلها فعلها مع أنه ليس كل قبيح ظلماً.

  قال السيد مانكديم: وقد قيل في حده: هو وضع الشيء في غير موضعه.

  قلت: هذا معناه اللغوي كما مر.

  قال السيد: وهو أبعد من الأول؛ إذ لو كان كذلك لكان يجب فيمن وضع منديله على ركبتيه، أو عظم أجنبياً كوالديه أن يكون ظالماً، وقد عرف خلافه، قال: فيجب أن يكون حقيقة الظلم ما ذكرناه، إما لأنه موضوع له أصلاً، أو لأنه بكثرة الاستعمال فيه صار حقيقة كالغائط في قضاء الحاجة.