مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الأولى [عصمة الأنبياء]

صفحة 2995 - الجزء 5

  قالوا في العصمة مثل ما قالوه في الهداية، وأنها تنقسم، فمنها الدلالة والبيان، قال: فكل مكلف معصوم؛ لأنه قد بين لهم ودلهم إلا أنه لا يطلق على الكافر، لغلبته على المهتدين، بل يقال: عصمه فلم يعتصم، أي دله على الخير فلم ينتفع بالدلالة.

  وأجاب الإمام المهدي بمنع إطلاقها على ذلك، لا في اللغة ولا في الاصطلاح، وفي الرواية عن العدلية نظر، ولو كان كما ذكره للزم أن لا يسألها المكلف فيقول: اللهم اعصمني؛ لأنها قد فعلت له، لما علم أن الله قد هدى كل مكلف، وسؤال الإنسان تحصيل ما قد حصل لا يحسن، والإجماع واقع على حسن هذا السؤال.

  فإن قيل: بل يحسن سؤال ما قد وقع، بدليل قول الملائكة: {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا}⁣[غافر: ٧].

  قيل: إنما حسن لأن هناك ما حمل على القطع بأن السؤال تعبد للملائكة $ لا طلب حقيقي وهو القطع بأن التائب مغفور له، وهنا لا قطع، بل لا دليل على أن العصمة بمعنى الهدى، فحسن الاستدلال بظاهر طلبها على أنها ليست بمعنى الدلالة إبقاء للطلب على حقيقته، ولا موجب لصرفه عن ظاهره.

  فإن قيل: فيلزم أن لا يسأل الهداية، والمعلوم حسن قولهم: اللهم اهدني.

  قيل: ليس المراد مجرد الدلالة، بل زيادة الألطاف. قال النجري: وله أن يقول: والعصمة التي يسألها المكلف هي اللطف في الترك؛