مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {فأزلهما الشيطان عنها فأخرجهما مما كانا فيه وقلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين 36}

صفحة 3011 - الجزء 5

  وأما غيره من الأنبياء $ فقد استدل على عصمتهم منه بقوله تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}⁣[الحجر: ٤٢]، فإذا لم يكن له سلطان على خلص عباده علم أنه ليس له سلطان على أنبيائه بالأولى، والمراد بعصمتهم $ من الشيطان أن الله تعالى يكفيهم شره في أجسامهم، فلا يؤذيهم بشيء فيها، من إغماء وجنون وألم ونحوه، وفي خواطرهم فلا يوسوس لهم بشيء على وجه الإلقاء، ذكره في (الشفاء) وشرحه؛ ويدل على ذلك قوله ÷ حين لُذَّ في مرضه وقيل له: خشينا أن تكون بك ذات الجنب، فقال: «إنها من الشيطان ولم يكن الله ليسلطه علي». رواه الشيخان عن عائشة.

  قوله: لُدَّ بضم اللام وتشديد الدال أي سقي دواء من أحد سقى فمه بغير إذنه الغشائه.

  وقال ÷ في حديث رواه الشيخان عن أبي هريرة:

  «إن عيسى # كفي من لمسه - يعني الشيطان -، فجاء ليطعن بيده في خاصرته حين ولد فطعن في الحجاب» أي في المشيمة، وقيل: ما لف عليه، وقيل: أمر حجبه الله به عنه، وقيل: حجبته به أمه.

  قلت: وظاهر هذا الحديثين الخصوص، ولا دليل على التعميم.

  قال في (شرح مسلم): عموم عدم طعن إبليس ونخسه لم يقم عليه دليل غير عصمة الأنبياء $، ولا يلزم منها عدم المس، إنما يلزمها عدم الإغواء والأذية لهم، ولا يلزم من اختصاصه # بهذه المنقبة تفضيله على نبينا - ÷ وذكر أمه معه كما يدل عليه دلالة ظاهرة، فقد يخص الله بعض عباده بأمر لم يكن لأفضل منه.