المسألة الأولى [عصمة الأنبياء]
  قلت: وكذلك لا أعلم دليلاً على عموم العصمة من وسوسته. لقوله تعالى في آدم: {فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ}[طه: ١٢٠] وسيأتي الكلام على ذلك فيما يتعلق بالآية إن شاء الله.
الفصل الثامن: في عصمتهم في الأقوال المتعلقة بالتبليغ
  أجمعت الأمة على عصمتهم من الكذب والتحريف والإخفاء، فيما يتعلق بتبليغ الشرائع، لا قصداً ولا عمداً، ولا سهواً ولا غلطاً، خلافاً للباقلاني في الكذب سهواً قال: لأن الاحتراز منه غير ممكن لنا لو جاز عليه شيء من ذلك لارتفع الوثوق بما جاءوا به. هكذا استدل أصحابنا والرازي، واحتج القاضي عياض. ورواه الإمام المهدي عن الأشعرية بأن المعجز يفيد العلم الضروري بصدقه؛ لما مر من أنه في معنى قول الله تعالى: صدق رسولي.
  قال الإمام المهدي: وهو غلط أو مغالطة؛ لأن المعجز إنما يدل على التصديق لا على الصدق في نفس الأمر إلا مع القول بالعدل والحكمة. قلت: أراد # أن هذه الحجة لا تستقيم على أصولهم؛ لعدم تنزيههم الباري تعالى عن فعل القبيح، تعالى الله عن ذلك.
  ومن أدلة المسألة قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ٣}[النجم] {قَدْ جَاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ}[النساء: ١٧٠] {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ}[الحشر: ٧] ونحوها، وهي أدلة عامة مانعة من أن يقع منه في هذا الباب خبر بخلاف مخبره، على أي وجه كان، فلو جوزنا عليه سهواً أو غلطاً