مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية في التوبة

صفحة 3049 - الجزء 5

  لكونها معصية، والعزم على أن لا يعود إلى مثلها في كونها معصية.

  قال الإمام عز الدين: وقد زيد في الحد، مع تلافي ما يجب تلافيه.

  قوله: الندم جنس الحد، ولا خلاف في اعتبار الندم في التوبة، إذ لو لم يندم لكان راضياً بفعله الذنب، والراضي بالشيء كالفاعل له، والفاعل للشيء لا يكون تائباً عنه، وقوله: على المعصية ليخرج الندم على فعل الطاعة، فإنه لا يسمى توبة بل معصية. وقوله: لكونها معصية احترازاً عما إذا ندم عليها خوفا من العقاب، أو لرجاء الثواب، أو لما لحقه من ذم وصغار، أو لأجل أمر دنيوي يناله، فإن ندمه لا يكون توبة؛ لأنه إذا ندم لأجل ذلك كان غير نادم من عصيان الله، وهو وجه القبح.

  قيل: وإذا انضم إلى الندم المذكور فيما ذكر أو شيء منه فالأقرب صحتها، إذا كان كونها معصية هو الأهم في الندم.

  قلت: ويؤيده ظواهر الكتاب والسنة، فإن ما فيهما من التوبة والأمر بها متضمن للترغيب في الثواب والسلامة من العقاب، وأيضاً التوبة من جملة العبادات، بل هي من أعظمها، وقد مر في الفاتحة أنه يجوز الإتيان بالطاعة والاجتناب للمعصية طلباً للثواب، وهرباً من العقاب.

  قوله: والعزم ... إلخ قد اختلف العلماء في اعتبار العزم في التوبة، فمنهم من اعتبره، وهو قول جماعة من أصحابنا ومنهم من لا يعتبره.

  وهذا القول منسوب إلى ابن الملاحمي، فإنه قال: حقيقة التوبة الندم على المعصية لكونها معصية، ولم يذكر العزم، وإليه أشار صاحب (الإكليل)، ورواه في (المحيط) عن بعض المتكلمين.