تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}
  بناءً على هذا الأصل، وتحريره أنه إذا كان وجه وجوب التوبة هو قبح تركها لزمت الأنبياء؛ لأن التحرز من القبيح واجب عقلاً.
  وقال أبو هاشم: بل دليله السمع، لما مر من أن وجه وجوبها كونها دفعاً للضرر، والأنبياء $ لا يخشون ضرر العقاب، فلا تجب عليهم إلا من جهة السمع فقط، كقوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرِي لِذَنْبِكِ}[يوسف: ٢٩] ونحوه.
  تنبيه: حكى في (المواقف) عن المعتزلة أنهم يشترطون استدامة الندم على الذنب المتوب عنه في جميع الأوقات، ثم قال: إنه عندهم - أعني الأشعرية - غير واجب، ولا شرط في صحة التوبة؛ لأن النادم إذا لم يصدر عنه ما ينافي ندمه كان ذلك الندم في حكم الباقي؛ لأن الشارع أقام الأمر الثابت حكماً مقام ما هو حاصل بالفعل، كما في الإيمان، فإن النائم مؤمن بالاتفاق، ولما في التكليف بالاستدامة هذه من الحرج المنفي عن الدين.
  قال الآمدي: يلزم من ذلك اختلال الصلوات وباقي العبادات، وألا يكون بتقدير عدم استدامة الندم وتذكره تائباً، وأن تجب عليه إعادة التوبة، وهو خلاف الإجماع.
  قلت: نسبة هذا القول إلى المعتزلة وهم، ولا يتخرج على مذهب أبي علي(١).
(١) لأنه لا يوجب الندم إلا عند ذكر الذنب، وظاهر هذه الحكاية أنه يجب الاستمرار على الندم وأنه إن غفل عنه ولم يذكره اختلت توبته وهذا لا يقوله عدلي. تمت مؤلف.