المسألة الثانية في التوبة
الموضع السادس في الخلاف في صحة التوبة من ذنب دون ذنب
  اعلم أن النجاة لا تتم بالتوبة إلا بشمولها لكل ذنب. اتفاقاً ذكره في صحتها على معنى إسقاطها لما خص بها من الذنوب خلاف، فذهب زيد بن علي والصادق، والقاسم بن إبراهيم وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى الرضا، وبشر بن المعتمر، وجعفر بن مبشر وأبو عبدالله البصري إلى أن التوبة لا تصح من ذنب دون ذنبه وهو قول السيد مانكديم، والإمام المهدي، وواصل بن عطاء، وعمرو بن عبيد، وأبي هاشم وأصحابه، وقاضي القضاة وغيرهم، ونسبه القرشي إلى الجمهور، وهو قول علي #، وهو حجة. وقال أبو علي، ورواه في (شرح المواقف) عن الأشاعرة: بل تصح، وهو قول أبي القاسم، وابن الملاحمي، ورواه الإمام عز الدين عن المؤيد بالله والمنصور بالله، ثم اختلف هؤلاء فقال أبو علي: إنما تصح إذا كانت المعصية الأخرى من جنس التي تاب منها كأن يندم على شرب قدح من خمر، ولا يندم على ارتكاب الزنا، فأما إذا اتحد الجنس فلا، نحو أن يندم على شرب قدح من خمر، ولا يندم على شرب قدح آخر.
  قال في (المنهاج): فلا تصح بالاتفاق. وإلى هذا مال ابن الملاحمي. وقال أبو القاسم: بل تصح مطلقاً(١)، وهو ظاهر إطلاق (شرح المواقف) عن الأشاعرة، وروى الإمام عز الدين الإطلاق عن المؤيد بالله، والبغداديين.
(١) أي سواء اتحد الجنس أم تغاير. تمت مؤلف.