مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}

صفحة 3092 - الجزء 5

  وعنده أن اعتقاد نبوة محمد ÷ قبيح وتكذيبه حسن - كان قد وجب عليه أن يتوب عن هذا الاعتقاد الذي هو واجب، وهذا فاحش من الكلام.

  قلنا: إن كان هذا الإلزام من حيث الداعي فملتزم؛ لأن هذا الاعتقاد قبيح عنده، فما دعاه إلى التوبة من الكبيرة يجب أن يدعوه إلى التوبة من هذا الاعتقاد لاشتراكهما في القبح عنده، وإن كان من حيث التكليف فلا يرد؛ إذ لم تجب عليه التوبة منه، وتوبته من الكبيرة صحيحة، وإنما صحت الجهله قبح تكذيب محمد ÷ ووجوب اعتقاد نبوته، ونحن فرضنا الكلام فيمن يعلم قبح المعصية الأخرى.

  قالوا: قد يستعظم التائب ذنباً أو يسهل⁣(⁣١) عليه الإقلاع منه، دون الآخر، فتصح توبته عما أقلع منه.

  قلنا: إذا لم يعتقد أن الأقل عقاباً مكفر وقطع بأنه يعاقب عليه وجب في الداعي له إلى التوبة عن الأعظم أن يدعوه إلى التوبة عن الأخفَّ.

  سلمنا، لزم في الاعتذار أن يصح من قتل ولد دون آخر، والمعلوم خلافه، لا يقال: إذا كان عقاب أحد الذنبين أخف جاز لغلبة الشهوة أن يوطن نفسه على احتمال عقابه، فيكون الداعي أقوى


(١) يعني أنه يجوز من المكلف أن يعتقد أن بعض الذنوب أكثر عقاباً من بعض فيتوب عنه دون الأقل ويجوز أن يسهل عليه الإقلاع عن ذنب دون غيره، فتصح توبته عما سهل الإقلاع عنه. تمت مؤلف.