مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}

صفحة 3095 - الجزء 5

  قلت: وهذا أولى من الوجه الأول؛ لأن الأول يقتضي أن الإجماع⁣(⁣١) وقع على خروجهم من اليهودية، لا على إجراء الأحكام الإسلامية عليهم، والمعلوم أن الأمر بالعكس مع أن ظاهر ذلك الجواب المناقضة بين أوله⁣(⁣٢) وآخره، فتأمل، لكنه يرد على جواب الجمهور أن إجراء أحكام المسلمين لا يصح على أصولهم؛ لأنها تقتضي أنه ما لم يتب من غصب الدرهم فهو باق على اليهودية، ويمكن أن يقال: أما بقاه على اليهودية فملتزم، وأما إجراء أحكام الإسلام عليه فلدليل وجوب العمل بالظاهر، وذلك معلوم من سيرة النبي ÷ في أهل النفاق؛ ولحديث: «أمرت أن أقاتل الناس ....» ونحوه.

  وحكى القرشي عن ابن الملاحمي أنه أجاب على الجمهور بأنه لو لم يسقط عنه عقاب اليهودية لكان كافراً في نفس الأمر، والمعلوم خلافه، ولكان لا فرق بين رجوعه عن اليهودية وبين إصراره عليها.

  قلت: ولهم أن يجيبوا بالتزام ذلك؛ لأن إسلامه إذا كان كعدمه لأجل إصراره على الغصب فهو كافر في نفس الأمر، ولا فرق بين الرجوع والإصرار والحال هذه إلا في أحكام الدنيا، لقيام دليل الفرق فيها فقط، فهذان الجوابان هما المشهوران.


(١) وقد صرح الإمام المهدي بذلك، فإنه قال في الدامغ: وأما خروجه من اليهودية فلعدم التزامه أحكامها من السبت وغيره. تمت مؤلف.

(٢) لأنه ذكر أولاً أنه يعاقب عقاب اليهودية ولا تجري عليه أحكام الإسلام، وذكر ثانياً إجماعهم على خروجه من اليهودية وهذا تناقض. تمت مؤلف.