مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}

صفحة 3096 - الجزء 5

  وأما أبو رشيد فزعم أنه قد استحق ثواب الإسلام، وأنه يخفف عليه من عقاب الكفر، ولعله يعني أنه لا يعاقب عقاب كافر، ويمكن الاحتجاج له بقوله تعالى: {إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}⁣[الأنفال: ٣٨] وحديث: «الإسلام يجب ما قبله» لكنه يقال: الدليل ليس على ظاهره، وإلا لزم أن لا يعاقب على إصراره على غصب الدرهم، وظاهر كلام أبي رشيد أنه يعاقب عليه، وإذا لم يكن على ظاهره فللجمهور أن يقولوا: الإسلام يجب ما قبله إن لم يصر على معصية، فصحته وتأثيره في الخروج من الكفر مشروط بعدم الإصرار⁣(⁣١).

  وقال الحاكم: يبطل جميع ما ذكره أبو علي بمن أسلم وترك اليهودية للطمع، فإن العقاب يبقى وإن أجريت عليه أحكام المسلمين، واعترض بأن إجراءها إنما كان عملاً بالظاهر، بحيث لو علم منه خلافه لم تجر له، فلا إبطال.

  هذا، وبقي الكلام على دليل الفرق بين اتحاد جنس الذنب واختلافه، على ما ذكره أبو علي؛ ودليله الاتفاق على أنه إذا اتحد الجنس فلا تصح التوبة كما مر عن (المنهاج). وقد مر ما فيه، ولعله يحتج له بأن الذنبين إذا اتحد جنسهما فهما كالذنب الواحد، والمعلوم أنه لا تصح التوبة من بعض الذنب دون بعضه، نحو أن يغصب درهماً واحداً، فيتوب من نصف معصيته التي هي الغصب دون النصف الآخر منها. والله أعلم.


(١) لقيام الدليل القاطع على أنها لا تصح التوبة من قبيح دون قبيح. تمت مؤلف.