مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه إنه هو التواب الرحيم 37}

صفحة 3109 - الجزء 5

  ويرد على أدلة القول الثاني ما يمنع إفادتها القطع، كذلك، فيرد على الأول المعارضة بغصب المال، ثم يموت المغصوب عليه فإن الغاصب تصح توبته عن ذلك، إذا فعل ما يجب إلى وارثه، فما أجابوا به فهو جوابنا، على أنا لا نشترط في التوبة العذر إلى المساء إليه إلا إذا أمكن، والميت لا يمكن الاعتذار إليه.

  قال الإمام المهدي: ثم إنا نفرق بين الاعتذار والتوبة بأن الاعتذار إنما يجب إلى الحي ليزول سخمه، فإذا مات سقط وجوب الاعتذار؛ لارتفاع وجه وجوبه، وبقيت التوبة على الوجوب سلمنا أنه كالتوبة لزم أن يعتذر إلى الورثة فيقوم مقام الاعتذار إليه، كالقصاص والدية.

  وعلى الثاني أنه مثل قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ}⁣(⁣١) [الجن: ٢٣] فما أجبتم به فهو جوابنا.

  وعلى الثالث أنه أحادي، والمسألة قطعية على أنه يمكن حمل حديث العلوم⁣(⁣٢) على من مات ولم يتب، لا يقال: لو كان المراد ذلك لم يكن لقوله: «مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله» فائدة؛ إذ كل من وافى القيامة غير تائب فهو آيس من رحمة الله؛ لأنا نقول: بل له فائدة، وهي بيان افتضاحه في الحشر بذلك المكتوب، وإدخال الغم عليه


(١) يعني أنه عام كعموم هذه الآية وهذه الآية لم يقل أحد ببقاها على عمومها فإنها مخصصة بالتائب، وصاحب الصغيرة والكافر إذا أسلم، فكذلك يقال في تلك الآية هي مخصوصة بالتائب إذ لا فرق بين العمومين بالنظر إلى جوهر اللفظ وسياق الكلام، فتأمل. تمت مؤلف.

(٢) يعني الحديث المتقدم ذكره من أمالي الإمام أحمد بن عيسى، فإنها تسمى أيضاً بكتاب العلوم.