المسألة الثانية في التوبة
  ويتذكر مثل ذلك الوعيد الشديد، الذي لم يكن مثله لكافر ولا زان ولا غيرهما من أهل الكبائر، فإن كل صاحب كبيرة لم يأت الشرع بأن كبيرته تمنع من قبول توبته، فعليك بتذكر ذلك الوعيد عند منازعة النفس، ثم تحفظ لسانك عن النطق بكلمة أو شطر كلمة تتضمن التحريض على القتل ما لم تقطع بالاستحقاق، وفقنا الله وإياك لما يرضيه، وجنبنا معاصيه آمين.
الموضع الثامن: في الخلاف في اعتبار الموافاة
  ذهبت البصرية وهو قول الجمهور إلى أنها غير معتبرة في استحقاق الثواب والعقاب.
  وقال بشر بن المعتمر، وهشام الفوطي وأتباعهما: بل تعتبر، ومعنى الموافاة ما يوافى به الموت من توبة صحيحة أو غيرها، فهؤلاء قالوا: لا يكتب له أجر طاعة ولا جزاء معصية إلا بحسب حاله عند الموت، فإذا علم الله أنه يموت تائباً كتب له أجر طاعته في الحال، وإن علم أنه يموت وقد أحبطه فلا، وكذلك إذا فعل معصية وعلم الله أنه يموت على التوبة لم يكتب له عقابها في الحال.
  وعند الجمهور أن العبرة بحال الفعل، فإذا فعل طاعة أو معصية استحق عقيب الفعل الثواب أو العقاب، وكتب له في ذلك الوقت ما يستحقه فيه، ولو علم الله أنه يموت وقد فعل ما يحبط الثواب أو يسقط العقاب فذلك لا يؤثر في ثبوت هذين الاستحقاقين في الحال وكتابتهما.