مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

المسألة الثانية في التوبة

صفحة 3119 - الجزء 5

  وهي من جملة ما كلف به، فإذا حضرت الملائكة ارتفع التكليفه فلا تقبل، وقد جاء الشرع بذلك قال تعالى: {يَوْمَ يَرَوْنَ الْمَلَائِكَةَ لَا بُشْرَى يَوْمَئِذٍ لِلْمُجْرِمِينَ وَيَقُولُونَ حِجْرًا مَحْجُورًا ٢٢}⁣[الفرقان] أي حرام عليكم قبول التوبة وكل عمل صالح، وأصرح منها قوله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ ...} الآية [النساء: ١٨]. وهذا قول الإمام القاسم بن محمد وغيره، ولا أعلم فيه خلافاً، وينبغي تقييد الحضور بالغرغرة بالموت المجيء التقييد به في بعض الأحاديث، قال النووي: وللتوبة شرط آخر وهي أن يتوب قبل الغرغرة كما جاء في الحديث الصحيح، وأما في حالة الغرغرة وهي حالة النزع فلا تقبل توبته ولا غيرها، ولا تنفذ وصيته ولا غيرها. وكذلك يمتنع قبول التوبة عند طلوع الشمس من مغربها. لحديث: «من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه».

  قال النووي: هذا حد لقبول التوبة.

  وقد جاء في الحديث الصحيح: «إن للتوبة باباً مفتوحاً، فلا تزال مقبولة حتى يغلق، فإذا طلعت الشمس من مغربها أغلق». وامتنعت التوبة على من لم يكن تاب قبل ذلك، وهو معنى قوله تعالى: {يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا}⁣[الأنعام: ١٥٨] ..

الموضع الثاني عشر في صفات التوبة وشروطها

  اعلم أن التوبة هي الندم والعزم على ما مر، وهذان الأمران لا تحصل التوبة عن أي ذنب إلا بحصولهما؛ لأنهما نفس حقيقتها