مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}

صفحة 3177 - الجزء 5

  على بني إسرائيل في التوراة والإنجيل، المتضمنة الأمر بالإيمان برسول الله ÷. وقيل: إن الآية نزلت في اليهود.

  قال الخازن: وذلك أن كعب بن الأشرف ورؤساء اليهود وعلماءهم كانوا يصيبون المآكل من سفلتهم وجهالهم، وكانوا يأخذون منهم في كل سنة شيئاً معلوماً من زرعهم وثمارهم ونقودهم وضروعهم، فخافوا إن بينوا صفة محمد ÷ وتابعوه أن تفوتهم تلك المآكل فغيروا نعته⁣(⁣١)، وكتموا اسمه واختاروا الدنيا على الآخرة، وأصروا على الكفر. وقيل: كانت عامتهم يعطون أحبارهم من زروعهم وثمارهم، ويهدون إليهم الهدايا ويرشونهم الرشا على تحريفهم الكلم، وتسهيلهم لهم ما صعب من الشرائع، وكان ملوكهم يدرون عليهم الأموال ليكتموا أو يحرفوا.

  وفي (الكشاف): وعلى هذا فالآية خاصة باليهود، لكن العموم لا يقصر على سببه. وقال السيد محمد بن الهادي: هي عندنا لا تقصر على أحبار اليهود بل عامة.

  وقال الحاكم: هذا الخطاب كما يتوجه إلى علماء بني إسرائيل يتوجه إلى علماء السوء من هذه الأمة، إذا اختاروا الدنيا على الدين.

  قلت: وإذا صح انا نزلت في اليهود فنزلوها فيهم إنما كان لذمهم، وبيان ما ارتكبوه من عظيم جرمهم، وهو الكفر بالقرآن المنزل على محمد ÷، كما دل عليه قوله في أول الآيةر: {وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا


(١) أي صفته. تمت. مؤلف.