تفسير قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}
  لِمَا مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ}[البقرة: ٤١] والمنزل إنما هو القرآن: إذلم ينزل في عصر النبي ÷ غيره، فوبخهم الله ونهاهم عن أن يستبدلوا بالدين المتين والحق الواضح شيئا يسيرا من الزائلة من الفانية، وإذا كان ذلك كذلك وجب فيمن فعل فعلهم وارتكب معصيتهم أن يكون حكمه حكمهم، على أنه قد ورد نحو هذه الآية خطاباً للأمة بأسرها؟
  قال تعالى: {وَلَا تَشْتَرُوا بِعَهْدِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا إِنَّمَا عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ٩٥ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ}[النحل: ٩٦ - ٩٥] ونحوها، مع أنه لا خلاف أن من استبدل بآيات الله وأحكامه شيئاً من الدنيا وآثرها على ذلك أنه من الخاسرين الهالكين. والثمن: العوض المبذول في مقابلة العين المبيعة؛ قال الشاعر:
  إن كنت حاولت دنيا أوظفرت بها ... فما أصبت بترك الحج من ثمن
  أي من عوض؛ فإذا أطلق في غير ذلك كان توسعاً وتشبيها نحو ذكر الثمن في هذه الآية.
  وقال الراغب: الثمن اسم لما يأخذه البائع في مقابلة المبيع، عيناً كان أو سلعة، وكل ما يحصل عوضاً عن شيء فهو ثمنه، قال تعالى: {الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا}[آل عمران: ٧٧] وقال: {وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا}[البقره: ٤١]. وظاهر كلامه أنه حقيقة فيما كان في مقابلة العين وفيما لم يكن كذلك. وهاهنا سؤال: وهو أن القياس دخول الباء على ما كان ثمناً؛ لأن الثمن في البيع حقيقته أن يشترى به،