مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}

صفحة 3190 - الجزء 5

  قال بعض العلماء: لو كانت الباء بمعنى اللام على معنى التكرمة لصارت المرأة بمعنى الموهوبة، والموهوبة خاصة بالنبي ÷.

  وقال عياض: يحتمل قوله: «بما معك من القرآن» وجهين: أظهرهما أن يعلمها ما معه من القرآن أو مقداراً معيناً منه كما في حديث أبي هريرة، ويكون ذلك صداقها؛ ويؤيده قوله في بعض طرقه: «فعلمها من القرآن»، ويحتمل أن تكون الباء بمعنى اللام أي لأجل ما معك من القرآن، فأكرمه بأن زوجه بلا مهر؛ ويؤيد الاحتمال الأول ما أخرجه ابن أبي شيبة، والترمذي، من حديث أنس أن النبي ÷ سأل رجلاً من أصحابه «يا فلان، هل تزوجت؟»

  فقال: لا، وليس عندي ما أتزوج به.

  قال: «أليس معك {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١}⁣[الإخلاص]؟» فكأنه قال: ليس عندي ما أجعله مهراً، فأجاب عليه النبي ÷ بأنه إذا كان حافظاً لسورة الإخلاص فهو متمكن من المهر، وليس المراد أنه يجعل نفس السورة مهراً، فلم يبق إلا أن المراد أنه إذا علم المرأة {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ١} فهو مهرها، وذلك قائم مقام إعطاء المال.

  هذا، وأمَّا قصة سليم فهي حجة عليكم لا لكم؛ لأنه قد صرح فيها بأنه جعل الإسلام مهراً، وذلك فيما أخرجه النسائي وصححه عن أنس، قال: خطب أبو طلحة أم سليم فقالت: والله ما مثلك يرد، ولكنك كافر وأنا مسلمة، ولا يحل لي أن أتزوجك، فإن تسلم فذلك مهري ولا أسألك غيره؛ فكان ذلك مهرها وأخرج النسائي أيضاً نحوه من طريق أخرى.