تفسير قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}
  وقد ذكرنا ذلك، فليس القدح بذلك الاختلاف فيما استدللنا به بأولى من القدح به في حديث ابن عباس.
  وأما قولهم: إن المنع للتأكل بالقرآن لا يستلزم المنع فيما دفعه المتعلم بطيبة من نفسه، فنقول: بل يمنعه، إذ ليس المراد بالتأكل حقيقته، وإنما المراد أخذ العوض، وقبول المال على تعليمه.
  وأما قولهم: إن النهي عن السؤال به غير أخذ الأجرة عليه فقد مر تحقيق معنى السؤال المراد في الأحاديث، مع أنا لا نخص المنع بما كان على جهة الأجرة، بل نجري مجراه ما أعطي بسبب التعليم بدليل حديث عبادة، وحديث أُبي في القوس والطعام، وعموم المنع من التأكل به.
  وأما قولهم: إن حديث عبادة وحديث أبي واقعتان في عين فمسلم، لكنا لا نسلم أنه لم يعرف المراد منهما، فإن الظاهر من السياق وترتيب إعلامهما بالوعيد على الأخذ ممن علماه القرآن يدل على أن العلة في منعها هو كونهما أخذ ممن تعلم منهما القرآن، وأنه أعطاهما لأجل تعليمهما وقد صرح بذلك في إباحة الأكل من الطعام الذي يظهر أن المتعلم لم يعده لأُبي بن كعب، سلمنا، فسائر الأدلة تفيد أن علة التحريم التعليم.
  وأما قولهم: إنه لا حجة في الآثار فمسلم، لكنها إذا قرنت بمثل هذه الأخبار أفادت بيان المجملات، ودفع الاحتمالات، على أن فيها ما يدل على أن ذلك إجماع الصحابة، كما في رواية عبد الله بن شقيق،