مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}

صفحة 3238 - الجزء 5

  الوجه الرابع: أن التالي بالأجرة كالغازي في سبيل الله يريد الجهاد لتكون كلمة الله هي العليا، ولينال قسطاً من الغنيمة، كما قال أمير المؤمنين # لما خلفه النبي ÷ في غزوة تبوك: (يانبي الله، والله ما أملك شيئاً وما عندي شيء. ومالي غنى ..... مع المسلمين فأعود به على وئام أهل بيتك)⁣(⁣١)، وقد شبه ÷ ذلك بأم موسى ترضع ولدها وتأخذ أجرها، وقد أجمع العلماء على جواز الجمع بين الحج والتجارة، وأنزل الله في ذلك: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ}⁣[البقرة: ١٩٨].

  احتج الشيخ محمد فيما مر من الأحاديث الدالة على منع التأكل وما بعدها بالقرآن، والسؤال به.

  قلنا: قد مر أن ذلك محمول على ما إذا كان التأكل به والسؤال به في مقابلة أمر واجب أو محظور يتعلق بالقرآن، كالتعليم والتحريف، وقد قررنا ذلك فيما مر بما لا مزيد عليه.

  وقال السيد محمد بن إسماعيل الأمير |: قد بين لنا ÷ أن أخذ الأجرة عليه، جائزة، وأن أحق ما أُخذ عليه أجراً كتاب الله، وجعل تعليم آيات منه صداقاً، فلابد أن يراد بالتأكل به غير هذه الأنواع الجائزة، التي من جملتها التأجر على تلاوته، ونظرنا فيمن تصدق عليه أنه متأكل بالقرآن، فإذا هم الذين يحرفونه، ويقلبون معانيه، كالخوارج: لصدق قوله: «يقيمونه كما يقام السهم عليهم»، وقد وصف الخوارج بذلك، وبأن أصحابه يحقرون قراءتهم عند قراءتهم،


(١) مجموع الإمام زيد: ٤٠٧ - ٤٠٨