ما يتعلق بالاستعاذة من المسائل الفقهية
  في معناه وارد في الشك وهو ما استوى طرفاه، فمن شك ولم يترجح له أحد الطرفين يبني على الأقل بالإجماع، أجاب الأولون عن ما احتج به هؤلاء بأن التحري هو القصد كما في قوله تعالى: {فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا ١٤}[الجن]، فمعنى الحديث: فليقصد الصواب فيعمل به، وقصد الصواب مبين في حديث أبي سعيد وغيره وهو أنه يبني على اليقين لما فيه من كمال الصلاة والاحتياط لها.
  قالوا: والتحري قد يكون بمعنى اليقين بدليل الآية، وأما تفسير الشك بما استوى طرفاه فمبني على اصطلاح الأصوليين، فأما في اللغة فالمتردد بين وجود الشيء وعدمه يسمى شكاً سواء المستوي والراجح والمرجوح، والحديث يحمل على اللغة ما لم تكن هناك حقيقة شرعية أو عرفية، ورد بأنا لا نسلم أن التحري قد يكون بمعنى اليقين إذ لم يذكره في المختار، بل قال: التحري في الأشياء ونحوها طلب ما هو أحرى بالاستعمال في غالب الظن أي أجدر وأخلق.
  وقال في الآية: أي توخوا واعملوا، وفيه أن التوخي التحري والقصد، فصح أن التحري غير اليقين، سلمنا فما تقدم من رواية: وأكثر ظنك، وقول علي #: (فتوخ الصواب)، ونحوه من حديث ابن عمر موقوفاً يمنع من إخراج التحري عن ظاهره، وهو العمل بأقوى الأمارات في ظنه، مع ما يؤيد ذلك من أدلة من وجوب العمل بالظن في سائر الأحكام، والعمل بأحاديث الباب كلها بخلاف القول الأول فإن فيه إخراج أحاديث التحري عن ظاهرها.
  قلت: فإن لم يحصل له ظن، فقال المنصور بالله في المهذب: استأنف