مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}

صفحة 3268 - الجزء 5

  كان. ويدل عليه ما رواه في (الشفاء) وغيره من أن النبي ÷ قد كان هم بمصالحة المشركين بثلث ثمار المدينة، دفعا لشرهم وهو لا يهم إلا بالجائز.

  وروى البيهقي في السنن قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل القطان ببغداد، أنبأنا عبد الله بن جعفر ثنا يعقوب بن سفيان، ثنا زيد بن المبارك الصنعاني - وكان من الخيار - قال: ثنا وكيع، ثنا أبو العميس، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن ابن مسعود أنه لما أتى أرض الحبشة أخذ بشيء فتعلق به فأعطى دينارين حتى خلي سبيله. وقال وهب بن منبه: ليست الرشوة التي يأثم فيها صاحبها بأن يرشو فيدفع عن ماله ودمه، إنما الرشوة التي تأثم فيها أن ترشو لتعطى ما ليس لك.

  وقال الحسن وإبراهيم: ما أعطيت مصانعة على مالك ودمك فإنك فيه مأجور.

  وقال أهل المذهب: بل يحرم الدفع وإن توصل به إلى نيل حق، أو دفع باطل؛ لعموم الخبر، ولأنه من فعل السبب المفضي إلى المحرم. كما في قوله تعالى: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}⁣[الأنعام: ١٠٨] ... الآية، وقد قال تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}⁣[المائدة: ٢].

  وهذ اختيار الشوكاني، قال في (النيل): التخصيص بطالب الحق بجواز تسليم الرشوة منه للحاكم لا أدري بأي مخصص، فالحق التحريم مطلقاً، أخذاً بعموم الحديث، ومن زعم الجواز في صورة من الصور فإن جاء بدليل مقبول وإلا كان تخصيصه رداً عليه، فإن الأصل