تفسير قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}
  في مال المسلم التحريم {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ}[البقرة: ١٨٨] «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه» فقد انضم إلى هذا الدفع كون الدافع إنما دفعه لأحد أمرين: إما لينال به حكم الله إن كان محقاً، وذلك لا يحل؛ لأن المدفوع في مقابلة أمر واجب، أو جب الله ø على الحاكم الصدع به، فكيف لا يفعل حتى يأخذ عليه شيئاً من الحطام، وإن كان الدفع للمال من صاحبه لينال به خلاف ما شرع الله إن كان مبطلاً فذلك أقبح؛ لأنه مدفوع في مقابلة أمر محظور، فهو أشد تحريماً من المال المدفوع للبغي في مقابلة الزنا بها؛ لأن الرشوة يتوصل بها إلى أكل مال الغير الموجب لإحراج صدره، والإضرار به، بخلاف المدفوع إلى البغي فإن التوصل به إلى شيء محرم وهو الزنا لكنه مستلذ للفاعل والمفعول به، وهو أيضاً ذنب بين العبد وربه، وهو أسمح الغرماء، ليس بين العاصي وبين المغفرة إلا التوبة ما بينه وبين الله، وبين الأمرين بون بعيد.
  قلت: ويمكن أن يقال: أدلة الأولين قاضية بالجواز للدافع على النحو الذي قرروه، وقد قال ÷: «عند الضرورات تباح المحظورات» رواه في تتمة (الشفاء) وهي(١) أخص من أدلة القول الثاني؛ على أن الحديث لا يتناول المعطي المتوصل بالعطاء إلى حق أو دفع ظلم، لما. أن الرشوة إنما هي ما توصل به إلى باطل.
  قوله: ولأنه من فعل السبب المفضي إلى المحرم.
(١) أي أدلة الأولين تمت مؤلف.