مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}

صفحة 3288 - الجزء 5

  قال بعض العلماء: وقد روي أن النبي ÷ لما قدم معاذ على اليمن قال له: «قد علمت الذي دار عليك في مالك، وقد طيبت لك الهدية» ولم يصح سنداً ولا معنى، فإن الهدية على وجهها لا يختص بها معاذ.

  وعلى غير وجهها لا تجوز لمعاذ، وذلك من هدايا الأمراء.

  نعم، على المهدى إليه إبلاغ الجهد في معرفة حل ما يأخذ، وتيقن طيب وجهه، ولا يغتر بتصنع المهدين، وتوصلهم إلى أغراضهم بالكذب والمين، فإنهم إذا عرفوا منه عدم القبول توصلوا إلى قبوله بكل ممكن، ولو بالأيمان الفاجرة؛ لأنهم ما قصدوا بذلك إلا الوجه الذي لا يجوز له مع الأخذ أ ثم يأخذون أغراضهم منه بعد تمكن الصداقة في قلبه، وتأثير الهدية بعد الهدية عنده، فالحذر الحذر، فإن غالب الهدايا اليوم إنما تكون لدفع ضرر أو استجلاب نفع، فلينظر العالم والوالي فيما فيه السلامة من أهوال يوم القيامة، ولا أسلم من الورع، وكف النفس عن الشبهة، والنظر في قرائن الأحوال، والتبين للمقاصد لما ذكرناه من غلبة المقاصد الرديئة، والأهواء المردية، سيما من تلبس بالولاية فإن غالب ما يهدى إليه يكون من باب الرشوة المحرمة.

  قال في (شرح الإبانة): وهدايا الأمراء فإنما تهدى إليهم لمكانهم من الولاية ليمتنعوا بها عن الظلم أو يعدلوا بسبب الهدية، وأكثر ما يهدى إليهم فيكون على وجه التقية والمخافة، وطمعاً في أن لا يظلموا ولا يحيفوا، فلذلك حرم أخذها، وروى الناصر # أن النبي ÷ كان يقبل الهدية ويدعو لصاحبها،