المسألة الخامسة [دلالة الآية على أخذ العوض على الفتيا والقضاء]
  قال الإمام أحمد بن سليمان #: ولا يجوز للقاضي أن يأخذ شيئاً على الحكم من الخصمين، ولا من غيرهما(١) لأنه لا يجوز أن يأخذ الأجرة على أمر واجب عليه، ولا خلاف في ذلك، ولأنه لا يأخذ إلا على الظلم أو النصفة، ولا يجوز أخذه على شيء من ذلك، وكذلك الهدية أو ما يجري مجراها.
  وبه قال أبو حنيفة، ويقتضيه قول الشافعي، وذهب بعض أصحابه قيل علي القفال إلى أن الأجرة على القضاء والشهادة جائزة إذا كانت مشروطة.
  قيل: قال #: وقد قدمنا ما يحجه.
  قلت: أراد بما يحجه الإجماع. وذكر في شرح الإبانة أن القاضي إذا أجره رجل من أهل عمله على أن يحكم له ولهم فإنه لا يحل أخذه عند السادة $ والفريقين؛ لأنه كالأجرة، وليس له أن يحكم بين الناس بأجرة مشروطة(٢) عليه، قال: لأن ذلك حرام كالهدايا التي تهدى لأجل القاضي. ثم احتج بقوله ÷: «الراشي والمرتشي في النار» وقوله: «هدايا الأمراء غلول» والمصحح للمذهب أنه لا يجوز أخذ الأجرة على الواجب والمحظور، وعدوا القضاء من الواجبات ويدل على التحريم جميع ما مر من الأدلة الدالة على تحريم أخذ العوض على تعليم القرآن والعلم، وقد مر أول المسألة أن كل ما تقدم من الاستدلال على تحريم أخذ العوض على تعليم القرآن
(١) ما عدا بيت المال فقد نص علي الخلية على جواز الأخذ منه، وسيأتي تمت. مؤلف.
(٢) أي على الحكم. تمت. مؤلف.