تفسير قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}
  والعلم يدل على تحريم أخذ الأجرة على القضاء والفتوى إذ هما نوع من التعليم، وإبلاغ لأحكام الله تعالى، وقد قال تعالى حاكيا عن نبيه ÷: {قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى}[الشورى: ٢٣] والحكم بمنزلة تبليغ الرسالة.
  وفي (سلوة العارفين) للموفق بالله #: حدثنا الحسن بن علي، حدثنا محمد بن صدقة، حدثنا موسى بن جعفر عن أبيه، عن جده، عن علي بن الحسين، عن أمير المؤمنين # قال: سمعت النبي ÷ يقول: «إني أخاف عليكم استخفافاً بالدم وبيع الحكم)(١).
  وأخرج ابن أبي شيبة عن علي # أنهم سألوا متى الساعة؟ قال: (لقد سألتموني عن أمر ما يعلمه جبريل ولا ميكائيل؛ ولكن إن شئتم أنبأتكم بأشياء إذا كانت لم يكن للساعة كثير لبث، إذا كانت الألسن لينة والقلوب جنادل، ورغب الناس في الدنيا، وظهر البناء على وجه الأرض، واختلف الأخوان فصار هواهما شتى، وبيع حكم الله بيعا)، وفي حديث حذيفة مرفوعاً: «من اقتراب الساعة اثنتان وسبعون خصلة، وعد منها بيع الحكم» أخرجه أبو نعيم في الحلية.
  قلت: والمراد ببيع الحكم أخذ العوض عليه؛ إذ حقيقة البيع هو استبدال الشيء بالشيء، فإذا امتنع الحاكم من الحكم إلا بإعطائه عليه عوضاً فقد باعه، كما هو شأن قضاة زماننا.
  وفي (الجامع الكافي) بإسناده عن علي # أنه كره للقاضي
(١) سلوة العارفين ص (٢٠٢) رقم (١٧٥).