تفسير قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}
  بالباطل، وما تقدم من وجوب رد كل مأخوذ، وما جاء من التحذير الظلم فمع ذلك لا يخرج مال عن ملك مالكه إلا بدليل شرعي خاص، وكيف يقال فيما ثبت تحريمه: إنه يملكه القابض له على الوجه الذي حرم من أجله؛ ما هذا إلا مخالفة للقواعد، وخروج عن دائرة النظر في الأدلة.
  قالوا: وروى الإمام القاسم بن محمد في (الجواب المختار) أن النبي ÷ كان يأخذ هدايا عماله ويضعها في بيت المال. قال #: ولا يظهر في ذلك خلاف على سبيل الجملة.
  والجواب: أنه إذا ثبت ذلك عن النبي ÷ فهو حجة قوية؛ لكن المعروف عن النبي ÷ إنما هو نهي العمال عن أخذ الهدايا. وإخبارهم بأنها غلول، كما مر؛ على أنه يجوز أن يكون المراد أنه أخذ ما يدعونه هدايا، ورده في بيت المال، العلمه بوحي أو غيره كذب دعواهم، وأن المال كله من مال الله، وأنهم إنما أرادوا التغرير والخيانة، ويؤيد ذلك ما رواه البيهقي عن عدي بن عميرة، قال سمعت رسول الله ÷ يقول: «يا أيها الناس، من عمل لنا على عمل فكتمنا مخيطاً فهو يأتي به يوم القيامة» فقام رجل من الأنصار كأني أراه، فقال: يا رسول الله: اقبل عني عملك، قال: «ومالك» قال: سمعتك تقول الذي قلت، قال: «وأنا أقوله الآن من استعملناه على عمل فليجئ بقليله وكثيره فما أوتي منه أخذ، وما نهي عنه انتهى».
  قال البيهقي: أخرجه مسلم من أوجه.