تفسير قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}
  وهذا يدل على أن النبي ÷ [ظن] من بعض عماله الخيانة؛ وأما دعوى الإجماع فقد عرفت الخلاف المحكي سابقاً. وهو مشهور.
  قالوا: أخرج البيهقي عن مالك قال: أهدى رجل من أصحاب رسول الله ÷ وكان من عمال عمر بمزفتين لامرأة عمر فدخل عمر فرآهما، فقال: من أين لك هاتين أشتريتهما، أخبريني ولا تكذبيني؟ قالت: بعث بهما إلي فلان فقال: قاتل الله فلاناً، أراد حاجة فلم يستطعها من قبلي، أتاني من قبل أهلي، فاجتذبهما اجتذاباً شديداً من تحت من كان عليهما جالساً، فخرج يحملهما، فتبعته جاريتها، فقالت: إن صوفهما لنا، ففتقهما، وطرح إليهما الصوف، وخرج بهما ... فأعطى إحداهما امرأة من المهاجرات، والأخرى امرأة من الأنصار.
  والجواب: أنه لا حجة في فعل عمر على أنه ليس المهدى إليه، فلعله تصدق بهما لطيبة نفس المهدي إليه بالهدية إلى أهله، وعرف رضا أهله بالتصدق بهما؛ وفي ذلك فائدة وهي سد الذريعة، وحسم سد الذريعة، وحسم مادة الهدايا؛ حذراً من الوقوع في المحرم.
  حجة المؤيد بالله: أنه قد ملكه إذا أخذه بطيبة من نفسه، وإنما خير بين الرد إلى الدافع أو التصدق به لأنه ملكه من وجه محظور. وله قول: إنه يملكه ويطيب له: لطيبة نفس المعطي، وقد قال ÷: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيبة من نفسه» وقد مر.
  وبه قال الإمام يحيى، قال: وندب التصدق به؛ بالحديث: «دع ما يريبك».