تفسير قوله تعالى: {ولا تشتروا بآياتي ثمنا قليلا وإياي فاتقون 41}
  والجواب: أنا لا نسلم طيبة النفس، فلا ملك، لأن العطاء إذا كان لأجل الواجب أو المحظور لم يكن المعطي طيب النفس به؛ لأن معنى طيبة النفس تجافيها عن العطية غير مخبثة بما يكون كالإلجاء إلى الدفع، من خوف الظلم، أو الميل عن الحق، أو طلب ما لا يجوز.
  قال في الكشاف في قوله تعالى: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا}[النساء: ٤]: المعنى: فإن وهبن لكم شيئاً من الصداق، وتجافت عنه نفوسهن، طيبات غير مخبثات بما يظهرن إلى الهبة، من شكاسة أخلاقكم وسوء معاشرتكم. على أنما كان لأجل الواجب المحظور أو الولاية لا يحل بحال، وإن طابت به النفس لما مر من تحريم هدايا الولاة، ولحديث عبادة في هدية القوس. وقد مر، فيكون حديث طيبة النفس ليس على ظاهره، وإذا اقترن هذا ثبت أنه لا يملك المهدى إليه ونحوه المال، وإذا لم يملكه وجب رده لمالكه، كما يجب رد الوديعة والغصب ونحوهما(١).
  حجة الناصر ما مر من أن الأصل الملك، فلا يخرج عنه إلا بدليل، ولا دليل، وحديث: «على اليد ما أخذت» وما في معناه، ولما تقدم من حديث هدية القوس ونحوه لمعلم القرآن. من النهي عن القبول مع ظهور طيبة نفس المعطي، والنهي عن القبول يستلزم وجوب الرد إلى المهدي؛ إذ لا معنى لعدم القبول الا أنه يرده على صاحبه، وقد صرح في بعض روايات الحديث بالرد، ويستدل أيضاً بما مر من نهيه ÷ قبول هدية المخاصم، ونحوه على ما ذكرنا من التقرير(٢).
(١) العارية والعين المؤجرة. تمت. مؤلف.
(٢) أي تقرير الاحتجاج بالنهي عن القبول. تمت. مؤلف.