المسألة الثالثة: [وجوب الصلاة والزكاة]
  قال الإمام يحيى بن المحسن: وذهبت فرقة إلى التفصيل، فقالوا: إن كان المأمور به مباحا في العقل وجب فعله بالأمر الأول بعد خروج الوقت نحو: تصدق يوم الجمعة، وإن كان محظورًا عقلًا لم يجب نحو: اختن ولدك يوم السابع من ولادته.
  احتج الأولون بوجوه:
  أحدها: أن التكليف إنما يكون بما نقدر عليه وهو الفعل دون ما لا نقدر عليه وهو الوقت، فهو غير داخل في المأمور به؛ إذ ليس من فعل المكلف، وإنما هو من ضرورياته، وما لا يكون داخلًا في المأمور به لا يكون مطلوبًا، وما لم يكن مطلوبًا فلا أثر لاختلاله في سقوط ما اقتضاه الأمر، وهو الفصل لا غير، فيصح التكليف بالفعل في الوقت وبعده، وهو المطلوب.
  الثاني: أن الفعل مع الوقت كالدين مع الأجل، فكما أن الدين إذا علق بوقت لا يسقط بخروجه كذلك الواجب لا يسقط بمضي وقته.
  الثالث: أن القضاء لو كان بأمر جديد للزم أن يكون أداء، كما في الأمر الأول، ولما كان لتسميته قضاء معنى، والمعلوم خلافه.
  الرابع: أن قد ثبت جواز نسخ الأمر المؤقت، والنسخ لا يصح على الفعل الواحد؛ لأنه يؤدي إلى أن يكون المأمور به هو المنهي عنه، وذلك هو نفس البداء، فدل على أن الأمر المؤقت يتناول أفعالًا كثيرة تفعل في أوقات، وهذا هو ما تذهب إليه من صحة فعل المأمور به في جميع الأوقات، حتى يرد ناسخ.