مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين 43}

صفحة 3410 - الجزء 6

  إنما طلب لكونه مصلحة يكمل به الفعل، فالمقصود الأصلي هو الفعل نفسه، فإذا فات الكمال بقي الوجوب مع نقص فيه.

  قلنا: لا نسلم أنه إنما طلب لكمال الفعل بل طلب للإتيان به فيه، وإلا لجاز تقديمه عليه، وما المانع من أن تتعلق المصلحة بذلك الوقت خاصة.

  قالوا: لاخفاء في أنا إذا تعقلنا صومًا مخصوصًا وقلنا صم يوم الخميس فقد تعقلنا أمرين، وتلفظنا بلفظين، فمقتضى هذا التركيب أمران: إلزام الصوم وكونه في يوم الخميس، فكان المأمور به شيئين، فإذا عجز عن الثاني لفواته بقي اقتضاء الصوم؛ إذ انتفاء أحدهما لا يوجب انتفاء الآخر.

  قلنا: لا نسلم أن المأمور به شيئان بل شيء واحد وهو الصوم؛ إذ المقصود من الأمر الأول الفعل في الوقت لا مطلقًا.

  قال بعض المحققين: اختلافهم في هذا الأصل وهو أن المطلق والمقيد بحسب الوجود شيئان أو شيء واحد يصدق عليه المعنيان، ناظر إلى الاختلاف في أصل آخر، وهو أن تركب الماهية من الجنس والفصل وتمايزهما هل هو بحسب الخارج أو مجرد العقل. فإن قلنا بالأول كان المطلق والقيد شيئين؛ لأنهما بمنزلة الجنس والفصل، وإن قلنا بالثاني وهو الحق كانا بحسب الوجود شيئًا واحدًا.

  قال: وحاصل الجواب حينئذ أن الكون في الوقت مصلحة للفعل به كماله، لكن إنما يبقى الوجوب مع النقص إذا انفرد به الطلب، وليس كذلك بل المطلوب شيء واحد⁣(⁣١) وقد انتفى بانتفاء جزئيه.


(١) وهو الفعل في الوقت. تمت. مؤلف.