تفسير قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين 43}
  والجواب عن الوجه الثاني من وجوه:
  أحدها: أنا قد بينا أن للوقت تأثيرًا في إزالة الوجوب.
  ثانيها: أنا لا نسلم كونه كأجل الدين لأنه لو قدم لم يعتد به بخلاف أداء الدين.
  ثالثها: أن الفرق بين المسألتين جلي، وذلك أن في مسألة الدين حق الغير قد وجب ولزم، وهو الدين والأجل وقت أدائه، فلا يسقط بمضي الأجل، بخلاف مسألتنا فإن الذي به علمنا وجوب الفعل هو بعينه دال على أن الوجوب في ذلك الوقت فقط، وحاصله أن متعلق الوجوب في مسألتنا شيء واحد، وهو الفعل المؤقت، بخلاف مسألة الدين.
  ورابعها: أن الأجل حق لمن عليه الدين، وسقوط حق من عليه الدين لا يوجب سقوط حق صاحب الدين، فلا علة جامعة بين المسألتين.
  قال بعض أئمتنا: وإنما وزان مسألتنا أن يقول من له الدين إذا جاء وقت كذا ولم أتك فقد أبرأتك منه.
  والجواب عن الثالث: أنا لا نسلم الملازمة، فإنه إنما سمي قضاء لكونه استدراكًا لمصلحة ما فات أولًا، والأداء لا يكون استدراكًا أصلًا.
  والجواب عن الرابع: أنا لا نسلم جواز ورود النسخ على الأمر المؤقت مطلقًا، بل إذا كان مفيدًا لأفعال كثيرة بقرينة تقترن به فيرتفع بالنسخ بعض تلك الأفعال، وأما الأمر مطلقًا فلا يقتضي إلا فعل المأمور به