تفسير قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين 43}
  مرة واحدة؛ لأنه لا يقتضي التكرار سواء كان مؤقتًا بوقت أم لا، وما كان هذا حاله(١) فلا يصح ورود النسخ عليه.
  احتج المفصلون بأن نحو الصدقة فعلها مباح، فأي وقت فعلها المكلف فيه جاز؛ إذ لا ضرر في فعلها على أحد، بخلاف نحو الختان، فإن فيه ضررًا على الغير، والأصل فيه الحظر، فلا يحسن إلا بناقل شرعي، والشرع لم يرد مثلًا إلا بفعله في وقت مخصوص، فإذا لم يفعل فيه رجع إلى الحظر العقلي.
  والجواب أن يقال: ما معنى قولك: أي وقت فعلت فيه الصدقة جاز؟ هل أردت أنه يسقط عنه استحقاق الذم والعقاب على الإخلال بها في الوقت المعين القيام فعلها بعد ذلك الوقت مقام فعلها فيه في المصلحة؟ فهذا محل النزاع؛ أو أردت بالجواز ضد الحظر فذلك صحيح، لكنه يفعل بقضية العقل، لا بالأمر الأول.
  إذا عرفت هذا وتقرر لديك أنه لا يجب القضاء إلا بدليل غير الأمر الأول واعلم أنه قد ثبت بالدليل وجوب قضاء الصلوات الخمس على من تركها لعذر، كالنائم والناسي، ولا خلاف في ذلك إلا ما شذ فيه بعضهم من أن الفائت إذا زاد على خمس صلوات لا يجب قضاؤه، حكى هذا القول القرطبي، ولا يعتد به، الثبوت الإجماع، وظهور الأدلة على خلافه. واختلفوا فيمن تركها متعمدًا، فذهب الجمهور إلى وجوب القضاء عليه، وادعى الأمير الحسين والقاضي زيد وغيرهما الإجماع
(١) أي كان لا يفيد بوضعه إلا المرة، تمت مؤلف.