مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين 43}

صفحة 3414 - الجزء 6

  وقال ابن حزم: من تعمد ترك الصلاة حتى خرج وقتها فهذا لا يقدر على قضائها أبدًا، فليكثر من فعل الخير، وصلاة التطوع ليثقل ميزانه يوم القيامة، وليتب، وليستغفر الله ø.

  احتج الجمهور بحجج:

  أحدها: ما مر من أن القضاء لا يحتاج إلى أمر جديد، وقد تقدم تقرير هذه.

  الحجة الثانية: ما في أصول الأحكام عن النبي ÷ أنه قال: «من ترك صلاة أو نسيها أو نام عنها فوقتها حين يذكرها».

  الحجة الثالثة: قوله ÷: «دين الله أحق أن يقضى» وسيأتي استيفاء طرقه وألفاظه، وقد تقدمت الإشارة إليه في السابعة من مسائل قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ}⁣[البقرة: ٢٩] وهو عام لكل دين الله تعالى.

  قال ابن عبد البر: من لزمه حق الله تعالى أو لعباده لزمه الخروج منه، وقد شبه رسول الله ÷ حق الله ø بحق الآدميين، وقال: «دين الله أحق أن يقضى».

  وقال غيره ما معناه: إن الحديث منبه على طريق علة وجوب القضاء؛ لأنه ورد جوابًا لسؤال سائل، فذكر النبي ÷ نظير المسؤل عنه؛ ليثبت له ما ثبت لنظيره وهو المسمى باقتران النظير، فكان دليلًا على أن جميع الفائت من حقوق الله كالديون، إلا ما خصه دليل وهذا أقوى ما يحتجون به، لا سيما قول من قال: إن وجوب القضاء بالخطاب الأول؛ لأنه يقول: المتعمد للترك قد خوطب بالصلاة