مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين 43}

صفحة 3443 - الجزء 6

  وتبرأ ذمته فالله يعلم أنا لم نظفر بصاحب واحد منهم قال ذلك. ثم روى عن الحسن أنه قال: إذا ترك الرجل صلاة واحدة متعمدًا فإنه لا يقضيها، ثم حكى عن بعضهم أن قول الحسن هذا إما لأنه يذهب إلى كفر تارك الصلاة، والكافر لا قضاء عليه، وإما لأن الله إنما فرض الصلاة في وقت معلوم، فإذا ذهب الوقت فقد لزمته المعصية لتركه الفرض في وقته، فإذا أتى به بعد الوقت فإنما أتى به في وقت لم يؤمر بالإتيان به فيه، فلا ينفعه.

  قلت: فهذا خلاف الحسن البصري وهو من كبار التابعين فلا ينعقد الإجماع مع خلافه وحده، فكيف وقد ثبت خلاف غيره كما قدمنا، ولا يظن بنا أحد أنا نريد بما ذكرناه من عدم الاعتراض بدعوى الإجماع قدحًا في أولئك الجهابذة، أو حطًا من قدرهم، فهم أعظم قدرًا من أن يوصموا بكلام، أو يلحقوا بملام، بل نقول: هم معذورون؛ لأنهم لسعة اطلاعهم وكثرة بحثهم قد ظنوا عدم المخالف حيث لم يجدوه، ويجوز أن يكونوا رووا تلك الحكاية عن غيرهم.

  والجواب عن الثالثة عشرة من وجوه.

  أحدها: أن هذا القياس معارض بما مر من القياس على سقوط كفارة القتل العمد واليمين الغموس، وهو بهما أشبه، وليس ثبوت القضاء بمفهوم الموافقة بأولى من سقوطه بمفهوم المخالفة، فلا وجه لقولهم: إنه من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى.

  الثاني: أنه لا يجب من صحة قضاء المعذور الذي لم يقع منه تفريط