مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين 43}

صفحة 3444 - الجزء 6

  أن يصح ويقبل القضاء من العاصي المتعدي الحدود الله، فقياس هذا على ذلك في صحة عبادته من أفسد القياس.

  الثالث: أن النائم والناسي لم يصليا الصلاة في غير وقتها؛ لأن وقتها حين يذكرها كما في الحديث، ولأجل هذا قيل: الوقت وقتان وقت اختيار، ووقت عذر، فوقت المعذور بنوم أو نسيان هو وقت الذكر أو الاستيقاظ، فإذا كان هذا لم يصلها إلا في وقتها فكيف يقاس عليه من لم يصلها في وقتها عمدًا أو عدوانًا.

  الرابع: أن الشريعة قد فرقت في مواردها ومصادرها بين العامد والناسي، وذلك معلوم لمن بحث.

  الخامس: أنا لم نسقطها على المتعمد ونأمر بها المعذور، حتى يلزمنا ما ذكرتم، بل ألزمناها المتعدي على وجه لا سبيل إلى التخلص منها إلا بما هو أعظم عند الله منها، وهو التوبة، وقد ذكر المنصور بالله أنه لا كبيرة في الطاعات إلا التوبة، فنحن في التغليظ عليه أعظم منكم.

  والجواب عن الرابعة عشرة أنا لا نسلم الأصل فإنه لم يرد بوجوب القضاء على من تعمد الإفطار في شهر رمضان من دون رخصة كتاب ولا سنة ولا إجماع، أما الكتاب فلم يوجب الله فيه القضاء إلا على من أفطر للرخصة التي بينها في كتابه، وهي المرض والسفر. قال تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}⁣[البقرة: ١٨٤] ومفهوم الآية أنه لا رخصة في الإفطار لغير هذين السببين، وقد جاءت السنة بالرخصة لغيرهما، كالمرضع والحامل، على خلاف في وجوب القضاء