مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين 43}

صفحة 3462 - الجزء 6

  استلزام المقارنة في زمان أو مكان كما في قوله تعالى: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ١١٩}⁣[التوبة] إذ المطلوب منهم الإتيان بمثل أفعالهم، دون نظر إلى أمر وراء ذلك، وقوله تعالى: {وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ٤٣}⁣[البقرة] بقوله: {وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ١١٩}⁣[التوبة] أشبه إذ ليس فيها ما يدل على الزمان والمكان.

  قوله: إذا قيل: صليت مع الجماعة لا يفهم منه إلا اجتماعهم ... إلخ.

  قلنا: مسلم؛ لأنه اللائق بذلك التركيب، وليس كذلك إذا قيل: صليت مع المصلين، فلا يفيد إلا أنه من أهل الصلاة؛ والآية على تقريركم في قوة قوله: صلوا مع المصلين. وبما قررنا يبطل الاحتجاج بالآية، وقد ذكر السيد محمد بن الهادي في الروضة والغدير أن الآية لا تدل على أن المراد بها صلاة الجماعة لا بمنطوقها ولا بمفهومها.

  الدليل الثاني: قوله تعالى: {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ ...} الآية [النساء: ١٠٢]، ووجه الاستدلال بها أنه تعالى أمرهم بالصلاة في الجماعة بقوله: {فَلْتَقُمْ}، ثم أعاد الأمر في حق الطائفة الثانية بقوله: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ}⁣[النساء: ١٠٢] فلو كانت الجماعة سنة لكان أولى الأعذار بسقوطها حال الخوف، وفي الآية أيضًا دليل على وجوبها على الأعيان، وإلا لسقطت في الطائفة الثانية بفعل الأولى.

  والجواب: أن هذا الأمر إنما أريد به التعليم، أي تعليم النبي ÷ صلاة الخوف في الجماعة إن أراد فعلها؛ إذ المعنى وإذا كنت فيهم