المسألة الثالثة: [ليس للعاصي أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر]
المسألة الثالثة: [ليس للعاصي أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر]
  احتج بعضهم بالآية وما في معناها على أنه ليس للعاصي أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر؛ لأنه ذكر ذلك في معرض الذم والإنكار ولو لم يكن في ذلك إلا قوله تعالى: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ٣}[الصف] فإن فيها من المبالغة في قبح ذلك والإنكار على فاعله ما لا يخفى على من له إلمام بفصيح الكلام؛ وبيان ذلك أن كبر إما بمعنى بئس الذي للذم. ففيه ضمير مبهم يفسره التمييز، و {أَنْ تَقُولُوا} هو المخصوص بالذم، أي بنس مقتًا قولكم، ثم حذف الفاعل وأضمر موضعه ضمير مبهم، وجيء بالفاعل تمييزًا: والمقت هو أشد البغض؛ وهذا غاية التقريع ونهاية الإنكار، وأوضح الأدلة على قبح هذا القول المخالف للفعل؛ وإما أنه من أمثلة التعجب وقد ذهب إليه بعضهم، وإليه جنح الزمخشري، وقال: هذا من أفصح الكلام وأبلغه؛ ومعناه تعظيم الأمر في قلوب السامعين؛ لأن التعجب لا يكون إلا من شيء خارج عن نظائره، وأسند إلى {أَنْ تَقُولُوا} ونصب مقتًا على التمييز المحول، والأصل كبر مقتًا قولهم أي المقت الناشيء والمرتب على قولهم المذكور.
  قال النسفي: وفيه دلالة على أن قولهم ما لا يفعلون مقت خالص لا شوب فيه، والمعنى كبر قولكم ما لا تفعلون مقتًا عند الله؛ واختير لفظ المقت لأنه أشد البغض.
  قلت: وعلى أي الوجهين فالإنكار والوصف بالمقت إنما توجه