المسألة الثانية: في معنى الاستعانة بالصلاة
المسألة الثانية: في معنى الاستعانة بالصلاة
  قال المرتضى #: الاستعانة قد تكون على أمر الدنيا وأمر الآخرة، فمن ذلك ما في العاجلة من الأمر والنهي، وما وعد الله به أهل طاعته من العون لهم عند الإقبال إليه، والتمسك بحبله، والاعتصام بأمره، وفي ذلك ما يقول جل ثناؤه: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}[العنكبوت: ٤٥] فكذلك المواظبة على طاعة الله سبحانه، زاجرة عن معصيته، ذائدة عن مخالفته، وفي الآخرة أداء ثوابهم، فكانت الصلاة عونًا على الأمر في الآخرة وطريقًا إلى الجنة، ونجاة من الهلكة، أو طاعة للرحمن، فيما أمر به في واضح الفرقان.
  قلت: قد أشار # على أن الاستعانة بالصلاة تكون على أمور الدنيا والآخرة، ومن الاستعانة بها في الدنيا أنها تكون لطفًا في ترك الفحشاء والمنكر، وهذا هو الأمر الأكبر، الذي ينبغي أن يقصد من الاستعانة بالصلاة، وليست الاستعانة بها مقصورة عليه، لأن الآية تدل بظاهرها على أنه يستعان بها في كل أمر، كجلب المنافع وتيسير الأرزاق، ودفع البلايا، وكشف الهموم والرزايا، والألطاف المبعدة عن المعاصي المقربة من فعل كل واجب؛ ويؤيد ذلك ما جاء في الكتاب والسنة، كأن يستدفع بالتقوى البلاء، ويستمنح بها الرخاء، ويستوجب بها الألطاف، وأن المعاصي سببًا للنكبات جالبة للمصيبات موجبة للخذلان، والآيات والأخبار في ذلك كثيرة، منها قوله تعالى: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ٢ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}[الطلاق: ٢ - ٣]