مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين 47}

صفحة 3584 - الجزء 6

  قلت: وللخصم أن يقول: إنما لم يفعل ذلك لأن منه مفسدة.

  فإن قيل: لا طريق إلى كونه مفسدة.

  قبل: لولا المفسدة لفعله، ولا يجب تعيين الطريق؛ على أن الله تعالى قد نبه عليها بما يقوله سبحانه: {وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ}⁣[الشورى: ٢٧] وفي حديث قدسي: «إن من عبادي من لا يصلحه إلا الفقر، ولو أغنيته لأفسد» أو كما قال.

  فإن قيل: نحن نفرض وجوب هذه الزيادة في أحياء لا تكليف عليهم، بل من أهل الجنة، بحيث لا يعلم بها المكلفون، فلا يصح كونها مفسدة في حقهم.

  قيل: يمكن أن يقال: إنما لم يفعل ذلك لعلمه بأنه لا مصلحة في فعله؛ لأنه حكيم لا يخل بواجب وخصمكم إنما يقول بوجوب ما علم الله أنه أصلح دون ما علم أن فيه مفسدة أو لاصلاح فيه؛ على أن في إلزامهم بوجوب الزيادة لأهل الجنة نظرًا؛ لأن الظاهر أن محل الخلاف إنما هو وجوب الأصلح في الدنيا.

  الدليل الثامن: أنه لو وجب الأصلح لقبح تكليف من المعلوم أنه يكفر؛ لأن عدم التكليف أصلح له.

  أقول: هذا الإلزام أورده الأشعرية دليلًا على حكم نفي العقل، وقد ذكرناه في السابعة من مسائل الحمد لله⁣(⁣١)، وذكرنا جوابه جملة وتفصيلًا، ومحصله أنه قد ثبت أن الله تعالى عدل حكيم لا يفعل قبيحًا،


(١) في الموضع الثالث منها. تمت. مؤلف.