مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين 47}

صفحة 3586 - الجزء 6

  عظيمة لما مر في الثانية من مسائل قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}⁣[الفاتحة: ٧] من إثبات النعم الدينية والدنيوية فما أجبتم به جوابنا. وهذا الجواب إلزام لهم، والجواب المحقق أن الوجوب لا ينافي كونه نعمة يجب الشكر عليها، كما مر في العاشرة من مسائل الحمد لله، وأما المثال فيقال: أن لله تعالى أن يجيب على الشاب بأنه ليس لك صلاح في البقاء.

  الدليل العاشر: لو وجب الأصلح لما اختلف باختلاف الفاعلين، فكان يجب علينا الأصلح، فيجب علينا أن نفعل لأنفسنا المباحات وطلب سائر المنافع، والمعلوم خلافه. وقد يجاب بأن في ذلك مفسدة وإلا لوجب، وأيضًا، لا نسلم عدم اختلافه بالفاعلين، فإن الباري تعالى عالم بذاته لا يخفى عليه وجه المصلحة، بخلاف الواحد منا فإنه عالم بعلم، فلا يؤمن أن يرتكب المفاسد وهو يظنها مصالحًا.

  فإن قيل: قولكم: إنما لم يجب علينا ذلك لأنه مفسدة ممنوع؛ إذ لو كان كذلك لقبح فعله منا رأسًا.

  قيل: المفسدة في إيجابه، لا في إباحته. هذا وقد حكى القرشي عن أكثرهم التزام⁣(⁣١) وجوب ذلك، ولعلهم يقولون: لا يجب علينا طلب شيء من ذلك إلا بعد قيام الدليل على الوجوب؛ لئلا نطلب ما في طلبه مفسدة لا نشعر بها، ويكون حاصل قولهم انهم يقولون بوجوب طلب ما هو أصلح من المنافع والمباحات، لا أنه يجب طلب كل مباح ومنفعة، لكن لما كانت عقولنا لا تهتدي إلى تمييز كل ما فيه مصلحة


(١) أي التزام وجوب الأصلح علينا. تمت. مؤلف.