تفسير قوله تعالى: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين 47}
  وكل ما فيه مفسدة توقف ذلك على الدليل، لئلا يرتكب محظورًا؛ ويؤيد ذلك أن مذهبهم(١) أن الأصل في الأشياء الحظر. والله أعلم بالمراد.
  الدليل الحادي عشر: أنه لو كان واجبًا لوجبت النوافل؛ لأنها مع الإيجاب أصلح لنا منها مع الندب؛ لأن ثواب الواجب أعظم من ثواب النفل.
  قال الإمام المهدي: وهذا إنما يلزمهم بتدريج، وهو أن يقال: إذا كان وجه وجوب الأصلح كون فعله أنفع من تركه لزم أن تجب علينا النافلة؛ لأنه أنفع، وكذلك يلزم وجوب الصدقات، وفعل جميع الكفارات الثلاث، ويجب على أحدنا إعطاء الغير جميع ماله؛ لأنه أصلح لذلك الغير، فيصير حقًا له كسائر الحقوق. ويمكن أن يقال: هذا الإلزام غير لازم، أما النوافل فلا صلاح في إيجابها وإلا وجبت، وقد قيل: إن في كونها مندوبة صلاح آخر، وقيل: إن الصلاح في فعله(٢) كالصلاح في تركه، وكذلك يقال في الصدقات وفعل جميع الكفارات، أعني أنه لا صلاح في إيجاب الجميع وإلا لوقع إلى آخر ما ذكرنا، وقيل: بوجوب ذلك(٣)؛ لكن لا على حد وجوب غيره، ويقال مثل ذلك في سائر النعم التي يفعلها بعضنا إلى بعض، فإن منهم من التزمها، وسائرهم منع وجوب الصدقة والعطاء الكثير، لما فيه
(١) يعني مذهب القائلين بوجوب الأصلح، وهم البغدادية، تمت. مؤلف.
(٢) أي الإيجاب. تمت. مؤلف.
(٣) أي المندوب ونحوه. تمت. مؤلف.