مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم وأني فضلتكم على العالمين 47}

صفحة 3591 - الجزء 6

  بواجب فلا، ولهذا فإن له أن يعتذر بعدم الوجوب عليه. وإذا تقرر هذا فلا يصح أن يستدل بالوجوب علينا فيما هذا حاله على وجوب الأصلح على القديم تعالى؛ إذ وجوب ذلك علينا لدفع الضرر⁣(⁣١) عن أنفسنا، أو إيجاب الشرع، وذلك غير موجود في الباري تعالى؛ إذ لا يتضرر، ولا جاء الشرع بوجوب شيء عليه.

  وقال الإمام المهدي في جواب هذه الشبهة ما معناه: إنا وإن سلمنا وجوب ذلك علينا فليس لأجل وجوب الأصلح، بل لأنه يستحق الذم شرعًا، لا عقلًا، إلا من باب نفرة النفوس والرقة البشرية، لا الوجوب العقلي.

  الشبهة الثالثة: أن الله تعالى دعا إلى الإحسان، وهو داعي حكمة، ولا صارف عنه فيجب أن يفعله.

  والجواب: أنه لا يجب وجود الفعل عند وجود داعي الحكمة وانتفاء الصارف لا محالة، إلا إذا توفر الصارف عن الترك، كصارف القديم على ترك الواجب؛ وأيضًا، يقال: ما تريدون بالوجوب؟ هل وجوب استمرار؟ أو الذي يستحق عليه الذم؟ وأيهما قلتم فهو باطل.

  أما الأول فلأنه إنما يكون فيما إذا دعى الداعي ووجد صارف متوفر عن الترك، كما في داعي القديم تعالى إلى فعل الواجب، فأما مجرد الداعي وعدم الصارف فلا يوجب إيجاد الفعل؛ ولهذا فإن أحدنا قد يدعوه الداعي إلى فعل ولا صارف عنه ولا يفعله، كالقيام والقعود، وأما الثاني فلا طريق إليه.


(١) أي ضرر الغم. تمت. مؤلف.