مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون 48}

صفحة 3610 - الجزء 6

  الشفاعة أن للمجرم المشفوع له مثل المؤمن من التقي، فمن أين تلزم المساواة بين المحسن والمسيء؟ ومن هنا يرتفع القبح العقلي.

  وأما الثالثة فللخصم أن يقول: لم تزيدوا في هذه الحجة على دعوى ثبوت ما تزعمونه من دوام الخلود في النار، ونحن لا نسلم ذلك وحينئذ فنقول: نختار قبول شفاعته ÷؛ إذ لا مانع منه.

  وأما الرابعة: فقال الإمام المهدي: هذا قياس ضعيف؛ لأن أهل الآخرة صاروا ملجئين إلى ترك القبيح. فليس الشفاعة لهم نظيرًا لهذه الصورة.

  قلت: والتحقيق أن تلك الحجج مبنية على الخلاف في كون الشفاعة للمصرين تقبح عقلًا أو تحسن، فقال القاضي: تقبح، واحتج مشك بما مر. وقال أبو هاشم: بل تحسن؛ لأن العفو عن المصر حسن، وطلب الحسن حسن؛ وعلى هذا فيقال: لا وجه للاحتجاج على عدم وقوعها بالعقل.

  قال الإمام المهدي: واتفق الشيخ والقاضي على قبح الشفاعة بعد ورود السمع؛ لأنه⁣(⁣١) في حكم المنهي بخلاف العفو، فإنه يحسن بعد الوعيد، وإنما ينكشف قبح الوعيد لأنه كذب.

  الحجة الخامسة: الآية التي نحن بصددها، وهي قوله تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ ...}⁣[البقرة: ٤٨] الآية، وقد ذكرها الله تعالى في هذه السورة مرتين.


(١) أي الشافع، تمت مؤلف.