مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون 48}

صفحة 3654 - الجزء 6

  مع أن ما ذكرناه من الأحاديث هنا عامة لأنواع الشفاعة، كما لا يخفى؛ وحينئذ يتحقق التعارض، ويرجع إلى الجمع أو الترجيح بينها وبين: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» فأما طريقة الجمع فبتأويل هذا الحديث بالحمل على التائبين، كما سيأتي، وأما طريقة الترجيح فنقول: أحاديث توقف الشفاعة على الطاعة في الجملة أكثر وأوضح وأصرح، وذلك أحادي، وفي طرقه مقال، وتأويله بما ذكرنا قريب ولا بعد فيه ولا تعسف، لا سيما مع ما سيأتي من التنصيص على منع الشفاعة لمرتكب بعض المعاصي. والله أعلم.

  الحجة الرابعة عشرة: نص النبي ÷ على أن في المعاصي ما يحرم مرتكبها شفاعة النبي ÷، وفي ذلك أخبار كثيرة، يكاد حصرها واستيفاؤها يلحق بالمتعذر، لكنا نذكر شطرًا منها، والقليل يدل على الكثير، والإشارة تكفي اللبيب الخبير، فمن ذلك ما رواه المرشد بالله في الأمالي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي الأوجي، أخبرنا أبو القاسم عمر بن محمد بن سبنك، أخبرنا أبو الحسين عمر بن الحسين الأشناني، ثنا أبو بكر محمد بن زكريا المروزي، ثنا موسى بن إبراهيم المروزي الأعور، ثني موسى بن جعفر عن أبيه جعفر، عن أبيه محمد، عن أبيه علي بن الحسين، عن أبيه علي #، قال: قال رسول الله ÷: «لا نالت شفاعتي من لم يخلفني في عترتي أهل بيتي».

  وبإسناده عن علي #، قال: قال رسول الله ÷: «ويل لأعداء أهل بيتي المستأثرين عليهم لا نالتهم شفاعتي، ولا رأوا جنة ربي».