تفسير قوله تعالى: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون 48}
  على منع الشفاعة لأهل الكبائر؛ لأنه إذا قد ثبت منعها لبعضهم ثبت للباقي؛ إذ لا فرق؛ ولأن الخصم يدعي التعميم، وهذا يدفعه، [ولأن مجموعها](١) يدل على تواتر القدر المشترك وهو أن الشفاعة ليست لأهل(٢) الكبائر، وحديث: «شفاعتي لأهل الكبائر ...» لا يقوى على معارضتها لكثرتها، ولما فيه من المقال والاحتمال.
  الحجة الخامسة عشرة: الآيات والأخبار المتضمنة لخلود من دخل النار، وهي عامة لهذه الأمة وغيرها، وبعضها خاص بالأمة؛ فلو قيل بخروجهم بالشفاعة لتناقضت حجج الله، وذلك باطل، فيجب بطلان ما يؤدي إليه، وهو القول بالشفاعة لمن دخلها، لا سيما وأدلة الخلود قطعية، ودليل الخصم ظني متنًا ودلالة، والظني لا يعارض القطعي. لا يقال: دليل الخلود عام، ودليل الخروج بالشفاعة خاص والخاص مقدم على العام؛ لأنا نقول: ذلك مبني على جواز تخصيص القطعي بالظني، وهو ممنوع؛ سلمنا، فذلك في غير ما المطلوب فيه العلم، سلمنا، عدم المانع والمعارض للخاص، وفيما نحن فيه الخاص معارض بأحاديث نفي الشفاعة لأهل الكبائر، وقد مر شطر منها قريبًا.
  الحجة السادسة عشرة: إجماع المسلمين على حسن الدعاء بقولنا: اللهم اجعلنا ممن يستحق الشفاعة، ولو كانت الشفاعة لأهل الكبائر لكان معنى الدعاء: اللهم اجعلنا من أهل الكبائر، ولا خلاف أنه يقبح الدعاء بما هذا حاله.
(١) في الأصل: ولا مجموعها، ولعل الصواب: ولأن مجموعها، وهو ما أثبتناه.
(٢) في الأصل: الشفاعة ليست إلا لأهل الكبائر، ولعل الصواب ما أثبتناه؛ لموافقته سياق الكلام.