مفتاح السعادة،

علي بن محمد العجري (المتوفى: 1407 هـ)

تفسير قوله تعالى: {واتقوا يوما لا تجزي نفس عن نفس شيئا ولا يقبل منها شفاعة ولا يؤخذ منها عدل ولا هم ينصرون 48}

صفحة 3686 - الجزء 6

  والجواب: أن هذه الشبهة أقوى ما يتمسك به الخصوم وعند بعضهم أنها قطعية متنًا ودلالة، كما نص عليه بعضهم، كما مر؛ ونقول: هي عن القطع والصحة بمراحل.

  وبيان ذلك من وجوه:

  أحدها: ما في أسانيدها من المقال، ونحن نتكلم على ما ذكرنا سنده هنا وهو المعتمد عندهم؛ لأنه في الصحاح بزعمهم، وبعضه في كتب أصحابنا فهي من شهادة الخصم لخصمه، وأما ما لم يذكر سنده فلعلهم معترفون بأنه غير صحيح لذاته، فأقول وبالله التوفيق:

  أما حديث: «شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي» فأخرجه الترمذي وابن ماجة عن الصادق عن أبيه عن جابر، وفي رواية الترمذي محمد بن ثابت البناني، قال في التقريب: ضعيف وضعفه النسائي وأبو داود، وقال البخاري: فيه نظر، وقال ابن معين: ليس بشيء. وفي سند ابن ماجة زهير بن محمد التميمي أبو المنذر الخراساني، قال في التقريب: رواية أهل الشام عنه غير مستقيمة فضعف بسببها، وقال البخاري عن أحمد: كان زهير الذي يروي عنه الشاميون آخر، وقال أبو حاتم: حدث بالشام من حفظه فكثر غلطه.

  قلت: والحديث من رواية الشاميين عنه؛ لأن الراوي عنه الوليد بن مسلم الدمشقي وهو شامي، مع أن الوليد نفسه قد رمي بالتدليس، قال في التقريب: ثقة لكنه كثير التدليس والتسوية، وقال في التذكرة: لا نزاع في علمه وحفظه وإنما الرجل يدلس فلا يحتج به إلا إذا صرح